اسم الكتاب:
أسميته ( درة النحو العربي ) أرجو أن ينفع اللهُ به، وقد كتبت في مقدمته منهجي وما قدمت فيه :
فاللغةُ العربية أحدُ مُعْجِزاتِ اللهِ الباديَة ، و أروعُ ما عبَّرَت به الألسُنُ الرائِحَةُ و الغادِيَة ، فقد تعددت محاسِنُها و حسناتـُها ، و احتار في وصفِها أحبابُها و بُلَغاؤها ، مَن أتقنَها فعلى أقرانِه قد فاق ، و مَن عادَ رياضَها فلنسمات عبيرِها مُشتاق ، إذ لها من القوَّةِ ما يوقِفُنا أمام شطآنِها عاجزين مُتحيِّرين ، و لها من الجمال ما يأسِرُنا بين حياضِها سائحين مسحورين ، و لها من الاتساع ما يجعلُكَ من الغدوِّ و الرَّوَاحِ على قدرٍ من العَنـَاء ، كما لها من الحلاوة ما يُذيبُكَ كما تذوبُ حبَّةُ السُّكَّرِ في الْمَاء .
و الحاجة مُلِحَّة في وضع ما يتمكن به الـمُتعلِّم للعربية ، و الباحثُ فيها من خـَوْض غِمَارها بطريقة مُبسَّطة تجمع مع السهولة في التحرير القيمة في العلم و الزاد الوفير ، و رحم الله القائل :
و إذا أردت من العلوم أجَلـَّهَا فـعلـيكَ بالقــرآن ، و الإعــراب
هذا لدينِكَ إن أردت ديانـَة و هُدى ، و ذاكَ لـمنطِـق و خطـاب
كتاب درَّة النحْو العربي
محتوى الكتاب:
من هذا الـمُنطَلَق فإن ما سأتـناوله بالدراسة في هذه السطور ما هو إلا مزيج مُعْـتَصَر جمعتُه مُبْـتَعِدًا عن الإخلال و التقصير حريصًا على الاختصار و التيسير ، قاصِدًا الإعَانة به على الكتابة السليمة و النطق الصحيح و الفهم الواضح ، أوجِّهُهَا لكل مَن يتعامَل مع الكلمة بأيَّةِ طريقة ، و بأيِّ طريق سواء : بالخطابة أو الكتابة أو التحدُّث أو البحث أو المراجَعَة أو التعلِيم أو التَّعلُّم ؛ تيسيرا لتعلـُّمِهَا و تدبُّرا لأهم مَعالِـمِهَا ، جامعا لأشتات تفرقت بين طـَيَّات الكتب ، مُحَصِّلا من أساتذتنا الفضلاء و علمائنا الأجلاء .
و نـَهْجي في هذا الكتاب محاولة تيسير قواعد اللغة العربية عارضا لها بطريقة جديدة ، سالِكا للتيسير ما أمكنني إلى ذلك الاتـِّبَاع ، مُرَكـِّزًا على التطبيق الإعرابي و الاستشهاد لها خلال آيِ القرآن الكريم ، و أحاديث الرسول r قدرَ المُسْـتـَطاع ، محوِّلا قواعدَهَا – مع الشرح - إلى خرائط ذهنية أو جداول ( وسائل تعليميَّة )كي تـُطبَعَ في ذاكرة المُتلقي لها بسهولة و اقـْـتـِنَاع ، راغبا بهذا الكتاب أن يجدَ فيه كلُّ طارِقٍ سبـيْلَهُ الذي يوافِقُه ، و ينهلَ كلُّ وارِدٍ إليه من مَشْرَبِهِ الذي يناسبُه .
أقسام الكتاب:
و لقد قسَّمْتُ الكتابَ على جملته إلى ثمانية أبواب ؛ فالباب الأول : مُـمَهِّدات للدراسة فيها أسس ضممتُها أرضيَّةً تأهيليَّةً يقفُ عليها الدارسُ ليبدأ انطلاقته منها عبر رحلة التَّعَـلُّم ، ثم الباب الثاني : الـمُعْرَب ، ثم الباب الثالث : التوابع ، ثم الباب الرابع : النواسخ ، ثم الباب الخامس : الألْـحَاق ، ثم الباب السادس : الـمَبْنِيّ ، ثم الباب السابع : الجملة و شبه الجملة ، ثم ختمت بالباب الثامن : الأساليب ، و قـيَّدْتُ المراجع في نهاية المصنَّف.و لم يكن لي أن أتكلم عن العربية دون أن أستقرئ القرآن الكريم ؛ فالقرآن العظيم هو سببُ النهضة العلمية و محركُهَا الأوَّل في العالم الإسلاميِّ بصفة خاصة ، مثلما أن الإسلام هو سببُ نهضةِ العربِ و ارتفاع شأنِهم ( حين كانوا متمسكين به ناصرين له ) إذ أنقذهم الله به من ظلمات الجهل ، و وجَّهَـهُم به إلى نور الحضارة الإيمانية المنبعثة عن عقيدة راسخةٍ رسوخَ شوامخ الجبال .
كبد الحقيقة:
بل إننا نقصد كبد الحقيقة حين نقول : إن العرب أمَّةٌ لم يرتفع ذكرُها و لم يملأ الآفاقَ آثارُها إلا لأنَّ اللهَ - عزَّ و تقدست أسماؤه - قد خصَّهُم ببعثة الرسول الخاتم r من بين أظْهُرِهِم ، و لإكرامه لهم بحمل تـَبـِعَةِ نشرِ دينِهِ عبْرَ الآفاق و الأجيال ، و توارُثِ تعليم كتابه العظيم في مشارق الأرض و مغاربها.كما أن تقيـيد قواعد اللغة العربية ارتبط بحفظ اللسان عن الخطأ في تلاوة القرآن الكريم الذي هو : كلام الله المُنـَزَّل على رسوله الخاتم محمد r ؛ و لعل هذا يبـين لك سبب تمسُّكِي في هذا الـمُصَنَّف بالاستشهاد بآيات القرآن الكريم و أحاديث الرسول r – قدر الطاقة – مع وجود الأمثلة الـمُعتادة لدى أهل هذا الفن .
و لا سيَّما أنك تجد أعلى مستوى لغوي للفصاحة و البلاغة في القرآن الكريم ، ثم في أحاديث الرسول r ، ناهيك عن بقية الصفات التي يطول الحديث عن إعجاز القرآن فيها ؛ لذا لم أجد أفضل من ذلك لأتخذه أنموذجا تعلـُّمِيًّا ، نسأل الله أن تـتشرَّبَ نفوسُنـَا كلامَ ربِّنا ، و تحيا بهَدْيـِهِ أفئدتـُنا ، و أن يكون حُجَّة لنا لا علينا عند لقاء الحق رب الأرباب ، يوم الحشر إليه و العرض عليه و الحساب .
المادة العلمية:
و لكي أُحَصِّلَ المادة العلميَّة لهذا الكتاب فقد جمعتُ من بساتين علمائنا الأجلاء و أساتذتنا الفضلاء – و لا أدَّعي فضلا لي – عمـَّنا اللهُ و إياهم و القارئين برحمته و حشرنا بفضله مع نبيه جميعا في زُمْرَتِهِ ، و لم أثبت المصادر - غالبا - في مواضعها رغبة في الاختصار.
و لأنني لم أنقل الصيغ نفسها في بعض الـمواضع ، و دمجت بين عدة صيغ أحيانا ، كما اجتهدت في الترجيح و غيَّرتُ الأسلوب تبسيطا في مواضع أخرى دون تفصيل الإحالات في الحواشي في الأغلب الأعم .
و إنه لَمِن دواعي السعادة و السرور ، و من مُقوِّمَات الفلاح و البِشْر و الحبور ، أنْ يجتمعَ الناسُ في مجلِسٍ يتدارسون كتابَ الله و يذكرونـَه ؛ إذ هو أمرٌ يُرضي اللهَ و رسولَه ، نسألُ اللهَ أنْ يكونَ التقاؤنا أيها القارئ الكريم على مأدُبَةِ هذا الْمُصَنَّفِ – و الْمُرتكَزُ فيه آياتُ القرآن الكريم - طاعةً للهِ و رسوله ، و تدارُسًا لِما فيه النفعُ و الزَّاد مضافا إليها من الخرائط الذهنية ما يعينك على سرعة التحصيل و التذكر ، راجين منه سبحانـَه أنْ يعفوَ عن خطايانا بكرمِهِ في يومِ الْمَعَاد .
و اللهَ العليَّ القديرَ أسألُ حُسْن النيَّة و صلاح العمل و طهارة الطويَّة ، راجيا بـهذا الكتاب النفع لكل مَن أراد تعلـُّم العربية عامة و المسلمين خاصَّة كي ترتبط لغتُهم و حياتُهم بكتاب ربِّـهم ، داعيا اللهَ لكل مَن أعان على إتمام هذا العمل و إخراجه إلى النور بوسيلة أو بأخرى أن يثيـبَه و يهديَهُ و يجزيَهُ خيرَ الجزاءِ ، إنه ربنا وليُّ ذلك و القادرُ عليه صاحبُ الفضل و الآلاء .
﴿...إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ مَا تَوْفِيقِي
إِلا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ ؛
فما كان مِنْ عَوْن و توفيق فمِنَ الله ، و ما كان مِنْ جهل
و تقصير فمِنـِّي و مِنَ الشيطان ، و أسألُ اللهَ العفوَ و الغفران ، و لا حَوْل و
لا قـُوَّة إلا بالله العليِّ الْمَنـَّان .
أو اضغط على الرابط التالي لتحميل الكتاب من هنا
أو اضغط على الرابط التالي لتحميل الكتاب من هنا
فلا تنسونا في دعاء بظهر الغيب